ربما يمثل التصريح، الذي أدلت به وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، في حوارها مع قناة ‘ايه ار دي’ الألمانية، بشأن استضافة قطر لكأس العالم 2022، ذروة الجدل، الذي يشغل أوساطا غربية، بشأن استضافة أول بلد عربي لهذه البطولة، والذي يقول البعض في الغرب نفسه، إنه يصل إلى حد التحامل.

وكانت الوزيرة الألمانية قد قالت في تصريحها، إن حق استضافة الدوحة لمونديال 2022 “خادع للغاية”، مضيفة أن “هناك معايير ينبغي الالتزام بها،وسيكون من الأفضل، عدم منح حق استضافة البطولات لمثل هذه الدول”.

وقد أدى تصريح الوزيرة الألمانية، إلى ردة فعل سواء على المستوى الدبلوماسي من قبل قطر، ودول مجلس التعاون الخليجي، أو على مستوى الجمهور العربي، خاصة في منطقة الخليج، فقد استدعت الخارجية القطرية، الجمعة 28 تشرين الأول/أكتوبر، السفير الألماني كلاوديوس فيشباخ، وسلمته مذكرة احتجاج على تصريحات الوزيرة، في حين ندّد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي بالتصريحات أيضا.

على الجانب الشعبي، تصدر هاشتاج #انا_عربي_وأدعم_قطر، موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، في معظم الدول العربية، في إظهار للدعم لقطر في تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، فيما قال الداعمون إن ما يحدث، هو حملات تشويه تقودها منظمات غربية.

ومنذ حصول قطر،على حق استضافة البطولة عام 2010، لم يتوقف سيل الانتقادات الموجهة لها، والتي تنوعت وفق كل مرحلة، فقد وجهت اتهامات في البداية، إلى مسؤولي الاتحاد الدولي لكرة القدم بالفساد، والسماح لقطر بشراء حق استضافة كأس العالم، وهي اتهامات لم يتم اثباتها.

وبعد أن خفت صوت الاتهامات، بشأن شراء قطر لحق استضافة المونديال، ركزت منظمات غربية لحقوق الانسان وماتزال تركز، على ملفات المعاملة السيئة للعمال الأجانب، الذين شاركوا في بناء المنشآت الرياضية الضخمة، التي ستستضيف البطولة، بجانب سجل قطر في مجال حقوق المرأة، وكذلك حقوق المثليين جنسيا.

ووفقا لمنظمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الإنسان، فإن آلاف العمال لقوا مصرعهم، أو أصيبوا في ظروف غامضة، أثناء بناء الملاعب، والبنية التحتية الخاصة بالبطولة العالمية، كما تعرض بعضهم لسرقة الأجور، وأجبروا على دفع رسوم وساطة باهظة.

من جانبها دعت منظمة العفو الدولية مؤخرا، الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، إلى تعويضات لا تقل عن 440 مليون دولار للعمال الأجانب، الذين “تعرضوا لسوء المعاملة” في قطر، في ظل اتهامات بانتهاك حقوق هؤلاء العمال، وهي اتهامات نفتها الدوحة مرارا،وأكدت أنها بدأت وتواصل إصلاحات شاملة في هذا المجال.

في جانب آخر من الانتقادات، اتهمت هيومان رايتس ووتش الشرطة القطرية، بـ”القبض تعسفيا” على عدد من المثليين و”إساءة معاملتهم”. وهو ما نفته قطر، إذ وصف مسؤول حكومي قطري ما جاء في بيان هيومن رايتس ووتش في ذلك الوقت، بأنه “محض ادعاءات غير صحيحة بشكل قاطع “. وقال في بيان رسمي إن “قطر لا تتسامح مع ممارسة التمييز ضد أي شخص، وإن سياساتنا وما نتخذه من إجراءات، قائمة على أساس من الالتزام والوفاء بحقوق الإنسان للجميع”.

الأمر لايخلو من التحامل

بالنسبة للقطريين، وكثير من المواطنين العاديين في المنطقة العربية، وعبر متابعة التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن تلك الانتقادات المتتالية لقطر، بسبب استضافتها لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، لاتعدو أن تكون حملة منظمة فيها قدر كبير من التحامل.

وقد تناول أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني نفسه القضية، في حديث للمجلس التشريعي القطري قبل أيام، قال فيه إن قطر تعرضت “لحملة غير مسبوقة” من الانتقادات بشأن الاستعدادات لاستضافة كأس العالم لكرة القدم، وأضاف الأمير في كلمة متلفزة “منذ فوزنا بشرف استضافة كأس العالم، تعرضت قطر لحملة غير مسبوقة لم تشهدها أي دولة مضيفة، بلغ بعضها حد الافتراء”.

على أن الأصوات التي تمتدح أداء قطر واستعدادها للبطولة لاتخرج من المنطقة العربية فقط فقبل مايزيد على الأسبوع، أكد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو أن قطر ستقدم أفضل نسخة في تاريخ كأس العالم بعدما أوفت بكل وعودها التنظيمية، مشيرًا إلى أنّ ما تم إنجازه يعد مذهلًا وكافيًا لتقديم بطولة ناجحة على كل المستويات.

وفي مقابلة مع محطة إل بي سي البريطانية المحلية قبل أيام ، قال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي إنه يجب على مشجعي كرة القدم من مجتمع الميم، الذين سيحضرون كأس العالم في قطر، أن يظهروا “القليل من المرونة والحلول الوسط”. و كرر كليفرلي نفس التصريح في مقابلة أخرى مع سكاي نيوز، قائلا “هذه دول إسلامية، لديهم نقطة انطلاق ثقافية مختلفة جدا عنا. أعتقد أنه من المهم عندما تكون زائرا لبلد أن تحترم ثقافة الدولة المضيفة”

ويعتبر البعض في عدة دول غربية، أن تلك الحملة على قطر، لاتخلو من حالة من الازدواجية في التعامل، ويرون أن كلا من روسيا والصين على سبيل المثال، استضافتا العديد من البطولات الرياضية الدولية سابقا، ولم تخرج تلك الأصوات في ذلك الوقت، لإدانة ملف البلدين في مجال حقوق الإنسان، وهو ملف تدرك المنظمات الحقوقية الغربية مابه من انتهاكات.

المصدر: BBC Arabic